عرض المقال
المنصورة منصورة ولو طال القهر
2013-03-04 الأثنين
كان أبى رحمه الله دائم الاعتزاز بالمنصورة برغم أنه دمياطى، وكان يؤكد فى كل حكاياته لى عن هذه المدينة الجميلة أن شهادة ميلاده مكتوب فيها أنه من دمياط التى تتبع محافظة الدقهلية إدارياً وأنه فخور بذلك وكان يتمنى فى قرارة نفسه ألا يحدث هذا الاستقلال وأن تظل دمياط دقهلاوية حتى تتلاقح المعافرة والإصرار الدمياطى مع رقة الجمال المنصوراوى! ظلت المنصورة هى حلم الدمايطة ومركز حجهم الطبى والثقافى والتعليمى ومقياسهم ومعيارهم الجمالى، ومن هنا انتقل لى عبر الجينات عشق هذه المدينة الرائعة حتى ولو لم أزرها كثيراً إلا أنها ظلت تمثل لى قدس الأقداس وسندريللا المدن التى لا بد أن توضع فى أحداق العيون، لذلك صدمت عندما شاهدت صور السحل والدهس والدماء والانتقام والغل وقنابل الغاز الخانقة والجمجمة المفتتة بالمدرعة والستات المضروبات بالميليشيات تحتل مقدمة المشهد فى هذه المدينة الحالمة الجميلة الراقية الرقيقة، هذه المدينة وهذه المحافظة التى أنجبت عباقرة ونجوماً بشكل لم يتكرر فى أى مكان آخر على بقعة مصرية بهذا الثراء والغنى، بداية من على مبارك وصولاً إلى د.المخزنجى مروراً بكوكبة لا يمكن لأى عمود صحفى أن يجمعهم ولا حتى جريدة بكامل صفحاتها منهم أنيس منصور وفاروق الباز وكامل الشناوى وأم كلثوم والسنباطى ومستجير وعبدالرحمن بدوى ولطفى السيد والتابعى والزيات ومحمد حسين هيكل والفخرانى... إلى آخر قائمة الفخر والفخار الدقهلاوية. المنصورة ستصبح مقبرة غزاة الداخل كما كانت مقبرة غزاة الخارج وعلى الجميع أن يتعظ من نبوءة الصالح أيوب بأن بغى لويس التاسع سيصرعه وإلى البلاء سيقلبه والتى تحققت وكأنه كان يرى الغيب، على السلطة الغاشمة وهراوتها الشرطية الغليظة أن تقوم بزيارة دار ابن لقمان وتتعلم الدرس وتقرأ التاريخ فالبرابرة لا ينقرضون والتتار يستنسخ الزمان منهم تتاراً جدداً ولكن إرادة الشعوب لا تنكسر ودوماً تهضم البرابرة وتهزم التتار، قديماً دخلها الصليبيون تحت ستار الشعارات الدينية واليوم يريد تتار الزمن الجديد أن يدخلوها بشعارات دينية أيضاً، هى شعارات مختلفة فى الألفاظ ولكنها تتفق فى المعنى والسمسرة والغرض والتجارة وتم رش السكر وإضافة الزيت إلى هذه الخلطة من الشعارات الدينية المزيفة، وكما نسخر الآن من جماعة الاحتلال المصرى الجديد بحملته الإخوانية سخر أحد الشعراء من لويس التاسع قائلاً:
«أتيت مصر تبتغى ملكها تحسب أن الزمر يا طبل ريح
وكل أصحابك أودعتهم بحسن تدبيرك بطن الضريح
وفقك الله لأمثالها لعل عيسى منكم يستريح
آجرك الله على ما جرى من قتل عباد يسوع المسيح
فساقك الحين إلى أدهم ضاق به عن ناظريك الفسيح
خمسون ألفا لا يُرى منهم إلا قتيل أو أسير جريح
وقل لهم إن أضمروا عودة لأخذ ثأر أو لقصد صحيح
دار ابن لقمان على حالها والقيد باق والطواشى صبيح».
نحن الآن سنغير من هذه الأبيات ونستعير روحها ومعناها ونخاطب من يبتغى ملك مصر ويحسب أن زمر وطبل المقطم هو ريح صرصر عاتية فليتخلّ عن هذه الأحلام والأوهام، وعلى من يتحدث باسم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لكى يزيف وعينا ويغسل أدمغتنا بأنه حامى حمى الإسلام كما فعل لويس التاسع ورفاقه عندما غسلوا أدمغة شعوبهم بأنهم حماة المسيحية والمتحدثون باسم الرب وباسم يسوع عليهم أن يعدوا أنفسهم لدار ابن لقمان الجديدة التى تستقبل كل باغ قاتل أثيم.